"الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"، هكذا علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، ونهانا عنها الله فى كتابه العزيز، فى قوله تعالى: "والفتنة أشد من القتل" و"الفتنة أكبر من القتل"، لم يجد الدكتور أسامه الحديدي، مدير مركز الأزهر للفتوى، خير من هذه الكلمات للتعبير عن ما وصلت إليه الحال في الرياضة المصرية خاصة في الفترة الأخيرة.

الدكتور أسامة الحديدي قال في تصريحات تلفزيونية عبر برنامج رأي عام، المُذاع عبر قناة TEN، "التحفيل بين جماهير الكرة حرام شرعًا؛ فهو يشعل الفتن داخل المجتمع".

وتابع: "النبي نهى عن نِطاح الكِباش ومهارشة الديكة؛ إذ كانوا قديمًا يحضرون الأغنام لتناطح بعضها، كي يضحك الناس، إلى أن حرمها النبي- صلى الله عليم وسلم- لأنها تبعث على الفتنة".

حديث مدير مركز الفتوى بالأزهر الشريف، جاء قاطعًا لما تشهده الساحة الرياضية من تطاحن وشحن مليء بالفتن بين جماهير القطبين الأهلي والزمالك، والمسؤولين القائمين على هذه الأندية، منذ انتهاء مباراة السوبر المصري الذي جمعت الفريقين، على ملعب محمد بن زايد، بالإمارات، وشهدت تتويج الأبيض باللقب على حساب الأهلي، بركلات الجزاء الترجيحية بنتيجة 4 / 3، لتشتعل النار من بعدها.

لم تكن الأزمة في فوز الزمالك باللقب وتغلبه على الأهلي، في مباراة شهدت حضورًا جماهيريًا كبيرًا، ولكن فيما تبعته من أحداث، واشتباكات بين اللاعبين وبعضهم من جهة، وبين اللاعبين وجماهير الفريقين من جهة أخرى، ليتبعها العديد من القرارات الصارمة، التي اتخذتها لجنة الانضباط والأخلاق باتحاد الكرة، وكان على رأسها إيقاف محمود كهربا، صانع ألعاب الأهلي، إلى نهاية الموسم، بالإضافة إلى إيقاف محمود شيكابالا، قائد الزمالك، لمدة 8 مباريات قادمة.

بوادر الأزمة والفتنة بدأت بعدم ذهاب فريق الزمالك إلى ستاد القاهرة لخوض مباراته أمام الأهلي، في اللقاء المؤجل بينهما من الجولة الرابعة من الدوري الممتاز، والذي كان مقررًا له يوم الإثنين المقبل، ليؤكد مرتضى منصور، رئيس القلعة البيضاء، أنه رفض خوض المباراة بالفريق الأول خوفًا على اللاعبين في ظل حالة التشاحن والشد والجذب من الطرفين.

ثم حرر إمام عاشور، لاعب خط وسط الزمالك، محضرًا مساء أمس الثلاثاء، في قسم الشرطة، أثبت فيه تعدي بعض الأشخاص عليه وإتلاف سيارته، وذلك بعدما نال اللاعب هجومًا شديدًا بعد مباراة القمة الأخيرة بين الأهلي والزمالك والتي شهدت تعديه بالضرب على وليد سليمان عقب المباراة.

وإن كُنا نتحدث عن الفتنة ونُحذر مما تشهده الساحة الرياضية من أحداث، فلن ننسى أحداث وسيناريو مذبحة بورسعيد، الذى مازال يلوح فى الأذهان.

ويستعرض بطولات ذكريات أحداث فتنة بورسعيد بين جماهير الأهلى والمصرى التى راح ضحيتها 72 مشجعا فى ستاد بورسعيد عام 2012

أوقعت المذبحة 72 شهيدًا بين الجماهير بخلاف مئات المصابين الذين قدر عددهم بحوالى ألف، وكانت شرارة الأحداث قبل وأثناء المباراة أكثر من مرة، الأمر الذى كان ينذر بوقوع كارثة مروعة لكن أحدا لم يلتفت للأمر، وهو ما كان عاملاً مؤثرًا ومحفزًا للجماهير التي وجدت فرصة ذهبية لاقتناص صيد سهل، حيث اقتحمت الملعب في النهاية للهجوم على لاعبي الأهلي وجماهيره.

ورغم الدعوات التي خرجت من الأهلي والمصري لتهدئة الجماهير قبل المباراة، وبادر حسام حسن المدير الفني للمصرى وتوأمه إبراهيم مدير الكرة وقتها، بمطالبة جمهور المصري بحسن استقبال الضيوف، ولقيت الدعوة قبولا لدى الأهلي وخرج سيد عبدالحفيظ، مدير الكرة يثمن مبادرة التوأم وطالب ألتراس الأهلي بالالتزام بالروح الرياضية في التشجيع واعتقد الجميع أن الأجواء ستكون هادئة، ولكن العكس تماما هو ما حدث فقد حظى جمهور الأهلى باستقبال سيء من جماهير بورسعيد التي قامت بقذف الأتوبيس بالحجارة، والتوعد بالقتل، الأمر الذي لم يخطر ببال أحد أن يتحول إلى حقيقة عقب انتهاء المباراة.

كما قامت جماهير بورسعيد بضرب لاعبي الأهلي أثناء الإحماء قبل المباراة بالصواريخ والشماريخ التي كادت تصيبهم بالفعل، دون أن يتحرك أحد، فيما اقتحمت الجماهير لأرض الملعب عقب انتهاء الشوط الأول، قبل أن تُكررها مرة أخرى عقب نهاية المباراة لتقع الكارثة الكبرى.

الإعلام لم يكن بعيدًا أيضًا عن إحداث الوقيعة وإشعال الفتنة بين جماهير الأهلى والمصري البورسعيدي، بل كان عاملا حاسمًا ومؤثرًا في نقل البيانات التي خرجت من الطرفين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الألتراس في الناديين قبل المباراة، مما أجج من مشاعر العنف بين الطرفين، وهو ما نراه يتكررا الآن، خاصة بعدما نشرت جريدة الأهرام الرياضي عنوانًا "مانشيت" واصفة من خلاله لاعبي الأهلي بالرجال، وتاركة نقاط فارغة دون وصف عن لاعبي الزمالك، بعد إلغاء المباراة بسبب عدم حضور الفريق الأبيض إلى استاد القاهرة لخوض اللقاء، يوم الإثنين الماضي، وهو ما تسبب في إشعال غضب جماهير ميت عقبة ورفضه الكثير من نجوم الكرة عبر حساباتهم الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.