11 عامًا مروا على إحدى أفضل مباريات منتخب مصر تاريخيًا، أمام البرازيل، في افتتاح دور المجموعات لبطولة كأس العالم للقارات عام 2009.

منتخب مصر دخل المباراة بمعنويات منخفضة نوعًا ما، بعد الخسارة في بليدة أمام الجزائر بثلاثية مقابل هدف يوم 7 يونيو، قبل الذهاب إلى البرازيل بـ ثلاثة أيام.

قائمة منتخب مصر أيضًا كانت بدون عماد متعب وعمرو زكي، حيث كان يُعاني الأول من آلام في الرباط الداخلي للركبة، والثاني تعرض لإصابة بمواجهة الجزائر التي خسرها الفراعنة في افتتاح مباريات تصفيات مونديال جنوب إفريقيا 2010.

أحمد حسام ميدو أيضًا كان من ضمن الغيابات، بعدما قرر حسن شحاتة استبعاده لأسباب فنية، وضم بدلًا منه محمد محسن أبو جريشة، وكذلك أحمد رؤوف، وأحمد عبد الغني في الهجوم.

رهان المعلم كان على محمد زيدان كـ مهاجم، وهي لأول مرة تحدث أن يكون زيزو هو المهاجم الأساسي، وخلفه الأسطورة محمد أبو تريكة.

وكان التشكيل كالآتي: "الحضري، أوكا، جمعة، هاني سعيد، أحمد فتحي، سيد معوض، أحمد حسن، حسني عبد ربه، محمد شوقي، أبو تريكة، محمد زيدان".

منتخب مصر

في الدقيقة الرابعة، ومع أول فرصة للسيلساو، تقدم ريكاردو كاكا الذي كان قد وقع لـ ريال مدريد قبل البطولة مباشرةً، وسجل هدف التقدم، لكن أسطول الفراعنة لم يسقط، وجاء الرد سريعًا وبعد 3 دقائق بعد تمريرة فتحي لـ أبو تريكة، والأخير يضعها على طبق من ذهب فوق رأس زيدان، ليتعادل أبطال إفريقيا.

هُنا تحضر رائعة عصام الشوالي" أضرب زيدان، أضرب زيدان" في تعليق التونسي على المباراة، وكأنه مصريًا أبًا عن جد، عندما قال: "كل الكلام خلصته فيك يا أبو تريكة.. هدف بالرأس يرفع الرؤوس".

محمد زيدان

حينها، لازلنا نفرح بالهدف، جاء الثاني للبرازيل عن طريق لويس فابيانو بالرأس، وسط غفلة كبيرة من دفاعات المنتخب المصري، في الدقيقة 11.

ولأن العرضيات كانت دائمًا العدو الأول لنا ومنافسنا الأبدي، كان الهدف الثالث من عرضية بعد تألق الحضري في أكثر من عرضية أخرى، قبل أن يبصم خوان على الثالث في الدقيقة 36.

في آخر دقيقة من الشوط الثاني، حسني عبد ربه في منطقة جزاء منتخب البرازيل يسدد بالرأس، يتفاعل معها المعلم حسن شحاته على طريقته الشهيرة، ولكن تمر أعلى مرمى جوليو سيزار.

الشوط الأول ينتهي، والمنتخب المصري يتأخر بثلاثة أهداف مقابل هدف أمام بطل كوبا أمريكا وبطل العالم التاريخي، منتخب البرازيل.

هُنا كان دور حسن شحاته، وحسب ما جاء على لسان محمد أبو تريكة: "كانت أول مرة نرى فيها المعلم بهذه الدرجة من الغضب، دخل إلى غرفة خلع الملابس، وحطم ثلاجة المياه وضربها في الحائط، ثم وجه حديثه لنا: "أنا لست هنا لكي أخسر بسداسية".

"لقد خسرنا أمام الجزائر بثلاثية، واليوم نتأخر بنفس النتيجة في شوط واحد أمام البرازيل، من يشعر فيكم بالخوف، عليه أن يترك الملعب ولا يكمل المباراة".

حسن شحاته

بعد حديث حسن شحاتة، قدم منتخب مصر أحد أفضل أشواطه تاريخيًا، وهذا ما أكده أبو تريكة، وحتى لو لم يتحدث أبو تريكة، لقد رأينا جميعًا ما حدث، ولا مانع من أن نتذكره وكأنه اليوم ..

الشوط الثاني

بعد 5 دقائق من الشوط الثاني، بدأ حسن شحاته في التدخل، أخرج أحمد حسن الذي كان متأثرًا بدنيًا، ولم يستطع مجاراة وسط ملعب البرازيل، ودفع بـ أحمد عيد عبد الملك، ورقته الرابحة حينذاك، وهنا تحول المنتخب المصري.

بدأ عيد يساند تريكة خلف زيزو، وتخلى شحاته عن التحفظ الدفاعي، وبالفعل، جملة رائعة بين عيد وتريكة وسيد معوض تصل في النهاية لمحمد شوقي ليضرب دانة مصرية في شباك جوليو سيزار بعد أقل من 10 دقائق على بداية الشوط الثاني.

لينطلق الشوالي بكل حماس "سدد، جوووووول، الله، الله الله الله، إنها البرازيل، إنها البرازيل، إنها البرازيل، مش ممكن السيليساو باللون الأحمر، عاود لي من الأول يا مخرج، هدف عالمي، ارجع للروعة، اتفرج يا سيزار، شوقي هو السيزار الجديد".

لم يكن المشجع المصري في المقاهي أو البيوت قد عاد إلى مقاعده بعد هدف شوقي والفرحة الهيستيرية، بل ولم يكن عصام الشوالي نفسه في تعليقه قد انتهى من مدحه لهدف شوقي، إلا وبـ أبو تريكة يمر ويتلاعب بوسط ملعب البرازيل ويمرر لمحمد زيدان، وصاروخية زيزو في مرمى سيزار.

هُنا تصعب البرازيل على الشوالي: "صعبوا عليا، صعبوا عليا يا مصريين، هُنا سجدة الشكر في بلوفوندين".

بعد الهدف الثالث للفراعنة، تسيد رجال حسن شحاتة اللقاء بالكامل، لم نرى روبينيو أو كاكا أو فابيانو، كان محمد شوقي المُكلف برقابة كاكا، في منطقة جزاء البرازيل، وأحمد فتحي يرسل عرضياته وسيد معوض كذلك.

يخرج حسني عبد ربة في الدقيقة 75 ويدخل بدلًا منه أحمد المحمدي، ويلعب أحمد فتحي في وسط الملعب بجانب محمد شوقي.

تسديدة من فتحي وأخرى من تريكة، وتلاعب من الأخير بنجوم البرازيل، وسط تمريرات رائعة بين الجميع، ليتساءل الشوالي: "أين ذهبت البرازيل؟".

الأسطورة محمد أبو تريكة

دونجا خلال الـ25 دقيقة الأخيرة أجرى ثلاثة تغييرات هجومية، بدخول سانتو وباتو وراميريس، وخروج كليبر، وإيلانو وروبينيو.

منتخب مصر

الدقيقة 88 وركلة ثابتة ينفذها داني ألفيش، يسددها لوسيو، وينقذها أحمد المحمدي، ويحولها وائل جمعة إلى ضربة ركنية.

نجوم البرزايل بالكامل تركض نحو الحكم الإنجليزي هاورد ويب، للمطالبة بركلة جزاء، رغم أن الحكم احتسب ركنية لصالح السيليساو.

المحمدي

وبعد دقيقة ونصف، يقرر هاورد ويب طرد أحمد المحمدي واحتساب ركلة جزاء، لأول مرة في تاريخ كرة القدم تقريبًا، بأن يعود الحكم عن قراره الذي احتسبه هو ومساعده، في ذهول للمنتخب المصري، ورغم أن ركلة الجزاء صحيحة، ولكنه لم يحتسبها في البداية، ولم يكن حينها هناك تقنية الـVAR.

هُنا الشوالي يخرج عن شعوره "فضيحة، فضيحة كروية، بعد دقيقتين يتم احتساب القرار، لماذا يا هاورد؟ لأن هذه هي البرازيل، لأنه فريق دونجا".

نهض المحمدي بعد أن كان يحاول خداع الحكم ويتألم على الأرض، ويحصل على الكارت الأحمر ويغادر المباراة، وينفذ كاكا ركلة الجزاء على يسار الحضري، ورغم محاولة السد العالي ولكنه فشل في الوصول للكرة.

أحمد عيد عبد الملك حاول أن يسجل التعادل في الدقيقة الأخيرة، لكن كرته كانت بين أحضان جوليو سيزار، رغم فشله في التعامل معها.

انتهت المباراة، ورغم الخسارة لكنها تظل أحد أفضل مباريات منتخب مصر تاريخيًا، مباراة كانت بها العديد منال دروس، من خلال اللاعبين وحسن شحاته والجهاز الفني بالكامل، مباراة لعبها منتخب مصر بالروح قبل أي شيء.